الدخيل يتساءل.. المرأة السعودية كيف تريدها الأجهزة الحكومية أن تكون؟
- 9 / 4 / 2012 م - 11:33 ص
عبدالعزيز الدخيلفي محاولة للفهم أثار الدكتور عبدالعزيز الدخيل وكيل وزارة المالية الأسبق والمستشار المالي العديد من الاسئلة الهامة حول وضع المرأة في السعودية وكيف يراد لها ان تكون وتساءل: ما القوانين الشرعية التي تحكم إيقاع واتجاه حركة المرأة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في المجتمع السعودي، التي من المفروض أن تقوم الأجهزة الحكومية المسؤولة عن تطبيق القانون بإنفاذها؟ واتبع السؤال بسؤال: هل كل ما تعاني منه المرأة السعودية عناء شديداً فيما يتعلق بحقوقها وحريتها في إدارة شؤونها الاقتصادية والاجتماعية هو بسبب تطبيق قوانين الشريعة الإسلامية قطعية الدلالة أو الثابتة المؤكدة بما لا يقبل الاختلاف والتأويل والتفسير بين الفقهاء؟
وقال: عند الحديث عن الوضع الاجتماعي في المملكة العربية السعودية وإخضاعه للتحليل يتم البدء بتقسيم السلطة المؤثرة في توجيه وضبط إيقاع المشهد الاجتماعي إلى مؤسستين، المؤسسة الحكومية والأجهزة التابعة لها، والمؤسسة الدينية ويقصد بها في هذا المجال هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والأجهزة الداعمة والمؤازرة لها. ورغم صحة التقسيم من الناحية النظرية فإنه غير صحيح من الناحية الواقعية. فأنا أرى أن السلطة الحقيقية هي سلطة الحكومة، أما المؤسسة الدينية فهي يد الدولة تستخدمها كيفما تشاء وترى أنه إعمال لقوانين وقواعد الشريعة.
وضرب مثلا بقيادة المرأة للسيارة قائلا: ما حكم قيادة المرأة للسيارة؟ كل الأجوبة التي قيلت وكُتبت حتى الآن أنه لا يوجد في الإسلام ما يحرم ذلك. إذن الحكم في ذلك ليس شرعياً وإنما حكومياً. والسؤال الآن هو: هل منع المرأة من قيادة السيارة فيه مصلحة للأمة مما جعل الحكومة تقوم بمنعه رغم عدم وجود قانون يمنع ذلك؟ تجارب الدول الإسلامية جميعها بما فيها العربية والخليجية تقول إن قيادة المرأة للسيارة فيه مصلحة كبيرة للأمة، وإن منع المرأة من قيادة السيارة فيه ضرر اجتماعي واقتصادي للأمة.
وفيما يلي مقال الدكتور عبدالعزيز الدخيل المنشور اليوم (الاثنين) في صحيفة الشرق:
عند الحديث عن الوضع الاجتماعي في المملكة العربية السعودية وإخضاعه للتحليل يتم البدء بتقسيم السلطة المؤثرة في توجيه وضبط إيقاع المشهد الاجتماعي إلى مؤسستين، المؤسسة الحكومية والأجهزة التابعة لها، والمؤسسة الدينية ويقصد بها في هذا المجال هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والأجهزة الداعمة والمؤازرة لها. ورغم صحة التقسيم من الناحية النظرية فإنه غير صحيح من الناحية الواقعية. فأنا أرى أن السلطة الحقيقية هي سلطة الحكومة، أما المؤسسة الدينية فهي يد الدولة تستخدمها كيفما تشاء وترى أنه إعمال لقوانين وقواعد الشريعة. لذا فإن سؤالي، من أجل فهم أوضح وإدراك أعمق لحال المرأة وكيف يراد لها أن تكون، موجه إلى المؤسسة الحكومية الفاعل الأقوى في فرض أو فك القيود الاجتماعية الحكومية عن المرأة.
في دول العالم هناك قوانين يسنها المجتمع إما بالتصويت أو بالتوافق تحكم العلاقة بين أفراد المجتمع في تعاملاتهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية ويُعاقب بموجب القانون من يخالفها. وفي المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول ذات الأغلبية التي تعتنق الإسلام ديناً توافق المجتمع على أن تكون الشريعة الإسلامية هي القانون أو أنها مصدره الأساسي.
وهنا أصل إلى النقطة المفصلية وأسأل: ما القوانين الشرعية التي تحكم إيقاع واتجاه حركة المرأة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في المجتمع السعودي، التي من المفروض أن تقوم الأجهزة الحكومية المسؤولة عن تطبيق القانون بإنفاذها؟
والإجابة عن السؤال هي: كل القوانين الشرعية المتعلقة بالمرأة قطعية الدلالة في القرآن الكريم والمتواتر من الأحاديث النبوية. وأتبع سؤالي بسؤل آخر: هل كل ما تعاني منه المرأة السعودية عناء شديداً فيما يتعلق بحقوقها وحريتها في إدارة شؤونها الاقتصادية والاجتماعية هو بسبب تطبيق قوانين الشريعة الإسلامية قطعية الدلالة أو الثابتة المؤكدة بما لا يقبل الاختلاف والتأويل والتفسير بين الفقهاء؟ وأجدني هنا، دفاعاً عن الإسلام الذي كرم المرأة وحررها من رق العبودية الجاهلية ومنحها حقوقاً لم تصل إليها النساء في بقاع العالم في ذلك الوقت، أقول لا وأتبعها بلا أخرى.
لا شك أن هناك من السعوديات من هن سعيدات راغبات في الالتزام بقيود فقهية من باب الاحتياط أو حباً في الالتزام لأسباب اجتماعية أو عائلية أو شخصية، هؤلاء المواطنات يجب أن يكون لهن ما يردن ولا يجب إكراههن على غير ذلك قانونياً أو اجتماعياً ويجب على الدولة حماية حقوقهن هذه. وبالمقابل هناك سعوديات يردن ممارسة حقهن في الرخص التي أحلها وشرعها لهن الدين الإسلامي في كل مناحي الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والدينية، وهنا أيضاً تجب على الدولة حماية حقوقهن التي لم يحرمها الشرع عليهن ولكن حرمها من يريد أن يضيف إلى قواعد القرآن والسنة الحقة السمحة أحكاماً وأقوالاً لبعض الفقهاء قائمة على قاعدة باب سد الذرائع أو ما في حكمها من أمور الحيطة والحذر. لا غبار على هذه الآراء الفقهية طالما أنها متروكة لقرار المرأة وما يميل إليه قلبها وليست مفروضة عليها عنوة بقوة الدولة وبحكم القانون.
إن على الدولة التي تحرص على تطبيق الشرع الحنيف في معاملات المرأة المسلمة، وتستخدم في ذلك هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها من الأجهزة الحكومية، أن تحمي المرأة السعودية المسلمة والشريعة الإسلامية من إضافات وشروح وآراء وفقه لرجال لا نشك في حسن نواياهم ونبل مقاصدهم وغزارة علمهم، إلا أن ذلك لا يرقى بما قالوه إلى حكم إلهي جاء به القرآن الكريم أو جاء على لسان نبيه متوافقاً ومطابقاً لما جاء به القرآن، لكي يُفرض بقوة القانون والسلطة الحكومية.
إن على هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورجالها الكرام الممثلين للدولة وقوة القانون، أن يحموا النساء والرجال من فقه وأحكام التطرف والشدة، وأن يكونوا حراساً لتطبيق القاعدة الشرعية الكبرى، وهي أن الأصل في التشريع الإباحة إلا ما جاء دليل قاطع بتحريمه. وعليهم أن يرفعوا عن رقاب الناس كل القوانين والقواعد والأنظمة التي ولجت إلينا من باب سد الذرائع وأصبحت تُفرض على النساء والرجال بقوة الدولة وقانونها.
وفي هذا المجال، وكمثال بسيط أريد أن أسأل: ما حكم قيادة المرأة للسيارة؟ كل الأجوبة التي قيلت وكُتبت حتى الآن أنه لا يوجد في الإسلام ما يحرم ذلك. إذن الحكم في ذلك ليس شرعياً وإنما حكومياً. والسؤال الآن هو: هل منع المرأة من قيادة السيارة فيه مصلحة للأمة مما جعل الحكومة تقوم بمنعه رغم عدم وجود قانون يمنع ذلك؟ تجارب الدول الإسلامية جميعها بما فيها العربية والخليجية تقول إن قيادة المرأة للسيارة فيه مصلحة كبيرة للأمة، وإن منع المرأة من قيادة السيارة فيه ضرر اجتماعي واقتصادي للأمة. قد يقول البعض إن تجارب الأقربين وغيرهم من المسلمين لا تكفي فنحن قوم لنا خصوصيتنا فهناك منا من يقبل وهناك من يرفض قيادة المرأة للسيارة. والإجابة على ذلك أن قانون قيادة السيارة في جميع أنحاء العالم لا يُفرض على الرجل أو المرأة فرضاً، فالقانون يسمح له ولها بقيادة السيارة إن أراد أو أرادت ذلك بعد استيفاء الشروط المنظمة لهذه الرخصة. إن قيادة المرأة للسيارة أمر بسيط جداً وأثره الإيجابي على الأمة اجتماعياً واقتصادياً وحضارياً عظيم جداً، ولكنني لا أفهم لماذا تُمنع المرأة في بلادي من قيادة السيارة وأريد أن أفهم.