مشروع “التحرش الجنسي” يشعل نار الخلاف في الشورى
ماجد عسيري، عبدالله المانع - الدمام - جريدة المدينة
أرجع الدكتور مازن بليلة «عضو مجلس الشورى» السبب في تأخر مناقشة وإقرار مشروع القانون الجديد الخاص بالحماية من التحرش الجنسي في بيئة العمل لـ«الجنسين» إلى انتهاء دورة المجلس الرابعة، متوقعا أن تستأنف لجنة الشؤون الإسلامية القضائية وحقوق الإنسان مناقشة المشروع بعد دخول المجلس في الدورة الخامسة وأن يعرض على المجلس لاعتماد الصيغة النهائية.
وقال لـ«المدينة» إن من مبررات تأخير مناقشة المشروع كذلك تعيين 85 عضوا جديدا بالمجلس وإعادة تشكيل اللجان. وأشار إلى أنه مع انطلاق الدورة الحالية للمجلس سوف تفتح اللجان ملفات الدورة السابقة ليأخذ المشروع دوره في الدراسة والتمحيص باللجنة قبل عرضه على المجلس.
فيما أكد عازب آل مسبل «رئيس لجنة الشؤون الإسلامية القضائية وحقوق الإنسان» أن القانون لن يعرض على المجلس دون استكمال آلياته ولابد من دراسته من خلال اللجنة ومن عدة جوانب قبل عرضه على المجلس.
وأشار الدكتور طلال البكري «رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والشباب بمجلس الشورى» إلى أن مشروع القانون لا يزال تحت الدراسة وأن لجنته درست هذا المشروع لفترة من الزمن، ونظرا لما فيه من أحكام شرعية وعقوبات فقد رأت اللجنة إعادته لرئاسة المجلس لعدم تخصصها في هذا المجال. واستقر به المقام في لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية وحقوق الإنسان والتي تدرسه حاليا. وعبَّر عن رأيه في أن إقرار مثل هذا النظام يعني أننا نشرِّع لبيئات عمل مختلطة من الرجال والنساء واعترافا بالاختلاط في مجالات العمل الحكومية وغير الحكومية وهذا يتنافى مع التعاليم الإسلامية والأعراف الاجتماعية والنظام الأساسي للحكم في المملكة المعتمد على الكتاب والسنة.
لا يؤثر على قيم المجتمع
ولفت بليلة إلى أن اهتمام وسائل الإعلام بهذا الموضوع انقسم إلى قسمين بين مؤيد ومشكك على اعتبار أن حالات التحرش موجودة ويحاول البعض إخفاءها أو التقليل منها، حتى لا يوصف المجتمع السعودي بأنه غير منضبط، وقال إن أي مجتمع بشري فيه الصالح وغير الصالح، ولهذا فلابد أن تكون هناك قوانين تضبط هذه العلاقة بين الجنسين، أي عندما تتعرض المرأة بالاحتكاك بالرجل والعكس صحيح.
وعن المشككين في التقليل من أهمية إقرار مثل هذا القانون واعتماده من قبل مجلس الشورى، قال بليلة: إن بعض المشككين يذكرون أن إقرار مثل هذا القانون أو النظام سوف يشجع على الاختلاط، على اعتبار أن المجتمع السعودي يقوم على الفصل بين الرجل والمرأة.. وأضاف: ومن هذا المنطلق فليس هناك أي فرصة في التحرش -بحسب ما يذكره المشككون- ووجود مثل هذا النظام يتضمن وجود علاقة بين الجنسين تستوجب وضع ضوابط العلاقة، وهذا ما لا يريدونه.. واستطرد: ومن وجهة نظري أن من يشكك في هذا القانون «كالنعامة التي تخفي رأسها في التراب».. مشيرا إلى أنه لابد أن يدعم هذا القانون بأدلة تثبت أهميته، وأنه لن يؤثر على أخلاقيات المجتمع السعودي، ومن هذه الأدلة والتأكيدات الدور الإيجابي الذي تقوم به هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حيث رصدت حالات متعددة للابتزاز الجنسي الذي يعد صورة متقدمة من التحرش الجنسي، والذي يقوم على أساس أن المعتدي قد يحتفظ بأدوات ووسائل يدين بها الضحية فيستمر في استنزاف الطرف الآخر للحصول على فوائد غير شرعية. وقال: صحيح أن كل الوزارات والدوائر الحكومية تعمد إلى وضع أقسام خاصة بالنساء، لكن في وقت من الأوقات لابد أن تلتقي المرأة بالرجل، ولا توجد وزارة نسبة العاملين فيها نساء 100% أو رجال 100%، والمستشفيات ووزارة الصحة دليل على وجود هذه العلاقة التي تستوجب إقرار مثل هذا القانون أو النظام، على أن يكون خاصا للجنسين.
نظام العمل خالٍ من بنود «التحرش»
وأشار الدكتور مازن بليلة إلى أن أساس الدراسة التي قدمها للجنة الشؤون الإسلامية بمجلس الشورى، تركز على أن قوانين التحرش الجنسي وأنظمته موجودة في معظم دول العالم ولن تكون المملكة مستثناة، لأن طبيعة البشر واحدة في كل زمان ومكان، وعند الرجوع إلى دول متقدمة نجد أن هذه القوانين قد فرضت وجودها لتأخذ مساحتها، وأيضا بعض الدول الإسلامية مثل ماليزيا وإندونيسيا وتونس ومصر «كدولتين عربيتين» وبعض دول الخليج، أخذت بصورة من صور مكافحة التحرش الجنسي قد يكون بعضها قانونا كاملا وقد يكون بعضها فقرات من قانون العمل ولكنها لم تغفل هذه القضية.
وعن نظام العمل في المملكة ودوره في مساندة وإقرار مثل هذا القانون أكد بليلة، أن نظام العمل السعودي قد خلا تماما من أي بنود أو مواد تشير من قريب أو بعيد إلى أنظمة التحرش الجنسي وضبط هذه العلاقة، وهناك حالات ظهرت على السطح في وسائل الإعلام للابتزاز الجنسي، وبحكم عملي في الغرفة التجارية والقطاع الخاص ظهرت مثل هذه الحالات، حيث اضطرت هذه الجهات إلى الاستناد إلى قوانين أجنبية لعلاج مثل هذه الحالات، مثل ما تم تطبيقه في أحد البنوك السعودية.
نصف الأعضاء مع القانون
وعن مطالبهم كأعضاء مجلس شورى في وضع بنود في نظام العمل السعودي تحمي الجنسين من التحرش في بيئة العمل، أكد بليلة أنه عند زيارة وزير العمل للمجلس للإجابة على استفسارات الأعضاء حول تقرير وزارة العمل طرح هذا الموضوع وناقشه شخصيا مع الوزير، وكان رد الوزير أن «هذه الحالات لا تزال محدودة ولم ترقَ في سجلات الوزارة إلى أن تكون ظاهرة تستوجب أن يوضع لها نظام، لكن إن جاءنا من مجلس الشورى هذا النظام والقانون فسوف ندعمه»، وأشار بليلة إلى أن من أهم أسباب عدم الإفصاح عن مثل هذه الحالات هو عدم وجود قوانين معروفة ويحاول الأفراد التكتم عليها، وقد يتحمل أو تتحمل الضحية السكوت والخروج من العمل بدلا من رفع شكوى لأخذ الحقوق المهضومة. وعن إمكانية إقرار مثل هذا القانون في المملكة أشار بليلة إلى أن أكثر من نصف أعضاء المجلس مؤيدون ومع هذا النظام وعند طرحه للنقاش سوف يزيد عدد المؤيدين له داخل المجلس. وفيما يخص العقوبة التي من المنتظر أن تطال المتحرشين «نساءً ورجالا»، أوضح أن العقوبة محددة في النظام وواضحة ومأخوذة ومستندة من أنظمة مشابهة على أن تكون عادلة ورادعة.
تشريع لبيئات عمل مختلطة
من جهته أكد الدكتور طلال البكري «رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والشباب بمجلس الشورى» أن القانون لا يزال تحت الدراسة وهذا مقدم من عضو المجلس الدكتور مازن بليلة وهو مشروع قانون لمكافحة التحرش الجنسي وقد درست لجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والشباب هذا المشروع لفترة من الزمن، ونظرا لما فيه من أحكام شرعية وعقوبات، فقد رأت اللجنة إعادته لرئاسة المجلس لعدم تخصصها في هذا المجال. واستقر به المقام في لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية وحقوق الإنسان وهي التي تدرسه حاليا. وقال إن القانون يركز على تحرش الرجال بالنساء في الدرجة الأولى.
وحول وجهة نظره في هذا الموضوع قال الدكتور طلال بكري لـ«المدينة»: إن التحرش الجنسي يتعرض له طرف من طرف آخر، والسائد هو تحرش الرجال بالنساء، ولا أستبعد أن يكون هناك تحرش من النساء بالرجال ومن مظاهره خروج بعض الفتيات كاسيات عاريات، متعطرات بأجمل أنواع العطور مما يثير الغريزة الجنسية لدى الرجال و«الذئاب الضالة تتلقف النعاج السائبة». وهناك جهات رسمية تتعامل مع مشكلات التحرش كالمحاكم الشرعية وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومراكز الشرطة وجمعيات حقوق الإنسان كلٌ وفق ضوابطه. إضافة إلى أن التعاليم الإسلامية ونظام الحكم في المملكة يحرمان الاختلاط في بيئة العمل، وبحمد الله تعالى لدينا بيئات عمل منفصلة لكل من الرجال والنساء وإن حصل مثل هذا التحرش في الأماكن العامة كالأسواق التجارية والمستشفيات والمطارات والشوارع فتلك حالات لا تصل لحد الظاهرة والجهات المذكورة تقوم بدورها على أكمل وجه، ولهذا أرى أن إقرار مثل هذا النظام يعني أننا نشرِّع لبيئات عمل مختلطة من الرجال والنساء، ويعني اعترافا بالاختلاط في مجالات العمل الحكومية وغير الحكومية وهذا يتنافى مع التعاليم الإسلامية والأعراف الاجتماعية والنظام الأساسي للحكم في المملكة المعتمد على الكتاب والسنة.
لن يعرض على المجلس دون دراسة
وأكد عازب آل مسبل «رئيس لجنة الشؤون الإسلامية القضائية وحقوق الإنسان بمجلس الشورى» لـ«المدينة» أن القانون لن يعرض على المجلس برأي اللجنة لأخذ الموافقة عليه من عدمها، دون استكمال آلياته وجمع شتاته وقال: لكي تتم مناقشة القانون داخل المجلس لابد من دراسته من خلال اللجنة ومن عدة جوانب قبل عرضه على المجلس. وعن رأيه الشخصي في إمكانية قبول مثل هذا القانون في المملكة.. قال: اللجنة تدرس الموضوع المطروح، وإذا كان ملائما للطرح في المجلس ستتم مناقشته من جميع الأعضاء، ولا أستطيع الإدلاء برأيي الشخصي عن القانون حتى تتم دراسته دراسة كاملة ومستوفاة.
وعن القانون «حماية الرجال من تحرش النساء في بيئة العمل» الذي يناقش في المملكة فقط ولم يناقش في جميع دول العالم من خلال برلماناتها، أكد آل مسبل أن سبب دراسة هذا الموضوع هو مقترح تم عرضه من قبل الدكتور مازن بليلة «عضو المجلس» وأضاف: يوجد في مجلس الشورى مادة من نظام المجلس وهي المادة (23) التي تتيح لأي عضو من أعضاء المجلس تقديم أي مقترح يراه مناسبا. وقد قدَّم الدكتور مازن بليلة مقترحا حول التحرش الجنسي ووضع عقوبات رادعة، وهذه الرؤية مكتسبة من أنظمة أخرى في بعض دول العالم
منقول
الثلاثاء 14 سبتمبر - 7:37 من طرف عبدالله العجمي 2020
موضوع: مشروع التحرش الجنسي يشغل نار الخلاف في الشوري 
