: لم تجد فتاة، حرجاً، أن تسأل «خبيراً» في التنمية الأسرية أمام نحو 900 مشارك: «هل يحق لي الزواج من رجل كبير في السن، ولكنه ثري؟». وعلى رغم أن الفتاة التي يبدو أنها في العقد الثالث من عمرها، متخفية وراء النقاب الذي يستر وجهها، إلا أنها بدت مُصرّة على تلقي إجابة من خبير التمنية الأسرية الدكتور ميسرة طاهر، ومنحها «الضوء الأخضر» لهذا الزواج، ولم يجد «الخبير» سوى التملص من المسؤولية بقوله: «هذا السؤال تفوح منه رغبة إعطاء الضوء الأخضر، وأنا لا أستطيع تحمل المسؤولية، فالقرار بيدك، وليس بيدي».
ووفقا لصحيفة الحياة استحوذ سؤال الفتاة، على الحضور في مركز «الأمير سلطان بن عبدالعزيز للعلوم والتقنية» (سايتك)، الذي أقيم فيه ملتقى «نرعاك الثاني». وقالت الفتاة، وهي تمسك بـ»المايكروفون»: «أعمل في وظيفة بسيطة، وتقدم لخطبتي رجل كبير في السن، ولكنه ثري جداً، فهل من الخطأ الموافقة عليه، خصوصاً أنني أحتاج من يكفيني حاجتي الوظيفية»، مطالبة بأن تكون الإجابة بـ «نعم، أو لا».
فأجاب طاهر، الذي قدم ندوة بعنوان «الحياة الزوجية بين الربيع والشتاء»، متطرقاً إلى بعض الحلول التي «لا يمكن أن تكون الإجابة عليها بهذه الطريقة»، مضيفاً بعد إلحاح الفتاة على الإجابة: «هل عندك ضمانة أن هذا الرجل الكبير الثري، سيحترم إنسانيتك، وسيؤدي واجباته الزوجية على أكمل وجه؟» لترد الفتاة أمام الحضور: «نعم، متأكدة، فلقد جلست معه أكثر من مرة»، ليختم ميسرة، الحوار معها بقوله: «أنت مقبلة على مشروع فيه مساحة من المغامرة». وطالب ميسرة، الفتيات بـ «عدم تصديق التهمة التي تروّج بأن مجتمعاتنا العربية والخليجية على وجه التحديد، مجتمعات ذكورية، فالعالم كله ذكوري»، محذراً من انتشار بعض المفاهيم التي اعتبرها «مُستقاة من الثقافات الأجنبية»، ومنها «فكرة المصارحة بين الزوجين عن الماضي السلبي»، رافضاً ما يتداول بأن «الإنسان يستطيع أن يحقق رغباته الجنسية خارج إطار الزواج». وقال: «إن بعض الدول المتقدمة تتجه نحو الانقراض نتيجة تبنيها مثل هذه المفاهيم».
ودعا إلى تبني «الحوار المحمدي»، مشيراً إلى أن من أسسه «تقديم العذر للطرف الآخر والتسامح، وعدم تحميل الآخر ما لا يطيق، ما يحول دون تعامل النساء مع الرجل بمبدأ الندية الذي يسهم في خلق المشكلات»، مطالباً بضرورة إقامة «عمل مشترك بين وزارتي الداخلية والعدل، هدفه حماية الزوجات، جسدياً ومالياً، من خلال سن الأنظمة والقوانين».
بدوره، صبّ المستشار الاجتماعي الدكتور عبدالله الفوزان، خلال الندوة التي شارك في تقديمها، غضبه على مناهج التعليم التي رأى أنها بحاجة إلى «إعادة نظر». وقال: «بدلاً من الاهتمام بدراسة تضاريس الدول ومحاصيلها الزراعية، وبقية تفاصيلها الدقيقة، علينا أن نتجه إلى تعليم النشء كيفية بناء حياة زوجية سعيدة». وحذر الآباء من «إجبار أبنائهم على الزواج بمن لا يرغبونه، فهم بذلك يؤسسون لبناء علاقات أسرية فاشلة قبل أن تبدأ».
وذكر الفوزان، أن «الدراسات تشير إلى أن 20 في المئة من حالات الطلاق تقع في أول عامين من الزواج، وهذا مؤشر على إشكال كبير، متعلق بكيفية نظرتنا للزواج»، معترفاً أنه «من خلال الخبرة المهنية؛ اكتشفت ُأن الثقافة الزوجية لدينا تكاد تكون صفراًَ».
وتطرق إلى أن «أحد عوامل تحوّل الفتاة إلى فتاة مسترجلة (بوية) هو ما يحدث من قبل الأسرة أو محيط الفتاة بلا قصد، بما يجعل الفتاة تنتقم من أنوثتها»، مستشهداً بما يفعله بعض الآباء حين «ينحازون لأبنائهم الذكور على حساب حقوق الفتيات، ما يجعل الذكر هو المنتصر، ويجعل الفتاة تعتقد أن سمات الذكر هي مصدر القوة المطلقة، فيدفعها ذلك للعب دور الرجل»