كم مهر زواجك؟!
هذا هو السؤال الذي يؤرق الشبان في السعودية بخاصةً، لأنهم ببساطة يرون أن سعر مهر الزواج بالمرأة دخل في خانة الغلاء الفاحش، ويرى البعض، لا كثرهم الله (اجحدوها عاد يا السعوديات) أن هناك ما هو أفضل من السعوديات بسعر أرخص!
الناس الآن في حالة انقسام، بين من يزوج بناته بـ"ريال واحد" كما حدث مع مواطن فاضل قبل أيام، وبين من يزوج بناته بمهور خيالية تصل إلى مائة ألف ريال، وأكثر!
غالبية الشباب بطبيعة الحال من الموظفين العاديين، متوسط رواتبهم خمسة آلاف ريال تقريباً، وهم يريدون الزواج وتأسيس أسرة وإنجاب أبناء، انسجاماً مع حالة المجتمع التي تعتبر الزواج فرض عين لا جدال فيه، لا سيما للعشرينيين!
لهذا فهم يبحثون عن أي وسيلة للزواج بسعر مناسب، حتى تحول الحديث عن المرأة إلى حديث عن "سعرها"، ومن يزوج بناته بسعر مناسب يتهافت عليه الخطاّب، لأنهم يبحثون عن مواصفات معقولة بسعر جيد، وكأن الخاطب يريد أن يشتري "هونداي" أو "هايلوكس" فيتناول الناس اسم ذلك الأب فتسمعهم يتهامسون "فلان يزوج بناته بس بعشرين ألف"!
لدينا مشكلة في فهم معنى الزواج أساساً، هل المرأة عبارة عن "شيء" مثله مثل "طقم أواني" أو درزن "فناجيل"؟
هل هي مجرد سلعة توضع في البيت لتكتمل الصورة، بعضهم يتزوج ليوفّر على نفسه مصاريف غسيل الملابس، وبعضهم يتزوج ليتمكن من دخول المطاعم والملاهي بسهولة ما دام ربّ أسرة، والبعض الآخر يتزوج لأن الناس يتزوجون، وممارسات المجتمع مع الزواج تبرهن على أن الناس يعتبرون المرأة سلعة، يريدون أن يشترونها بمواصفات محددة وسعر رخيص!
لست مع غلاء المهور إطلاقاً، لكنني ضد طرح مسألة الزواج من المرأة على أنها صفقة تخضع لمقاييس الغلاء والرخص، بل أشجع أن يكون الزواج كما هو في مفهومه الحقيقي، يبدأ من "المودة" ويتضمن إرادة الاشتراك على تحمل الحياة بأفراحها وأتراحها، لذلك أظن أن طرح غلاء ورخص المهور يدخل في إطار "تسليع المرأة".
قال أبو عبد الله غفر الله له: المرأة ليست سلعة تباع وتشترى، ليبحث الرجل عنها من خلال "سعرها"، وإنما هي إنسان يتوق إلى إنسان يحبها ويحميها من أخطار الحياة ومتاعبها، تبحث عن رجل تقف معه ويقف معها، وأتمنى أن نقف ضد طرح المرأة كبضاعة رائجة في السوق، وأخشى ما أخشاه أن تتدخل وزارة التجارة أو الغرف التجارية لتحديد سعر مهر المرأة وكأنها "كيس رز" أو "قوطي حليب" مع أنهم لم يحددوا أسعارهذه أصلاً!