امت لطيفة الشعلان بتوديع دورة “الشورى” بمرافعة قوية عن قيادة المرأة للسيارة .
حيث قالت “أخصص مداخلتي هذه لحق النساء غير المشروط في التمكين من قيادة السيارة، وآمل من معالي الرئيس برحابة صدره المعهودة أن يسمح لي بدقائق قد تزيد قليلا عن الدقائق الخمس.
يقال إن قيادة النساء ليست أولوية، وهذه الحجة فتحت بابا واسعا للمزايدة، وكأنما إقرار القيادة هو الذي سوف يمنع حل موضوعات أخرى كالبطالة والإسكان وغيرها. الحقوق لا تخضع لمبدأ الأولويات لأن لا أحد يملك الحق في تقدير سلم متدرج للأولويات التي تختلف باختلاف معاش الناس وظروفهم وما ليس أولوية لفئة من الناس هو أولوية ماسة لفئة أخرى”.
وحسب صحيفة “عكاظ” أضافت الشعلان : “فقد ترتب على المنع إلحاق الضرر بحقوق النساء، وتعطيل مصالح عامة وخاصة لهن، ومن المعلوم أن العدل من غايات الإسلام الكبرى، وقد أقر الإسلام المساواة بين المرأة والرجل في أصل الخلق، كما ساوى بينهما في المسؤولية والتكاليف، وساوى الإسلام كذلك في الكرامة الإنسانية، كما ساوى الإسلام بين المرأة والرجل في الحقوق المدنية كاختيار الزوج والتوارث والبيع والشراء وتملك الأموال والعقارات والمنقولات والتصرف في التملك والوكالة والكفالة والتعاقد والهبة والوصية والصدقة والوقف. فهل بعد كل هذه الأهلية الكاملة التي منحها الإسلام للمرأة يجوز التفريق بينها وبين الرجل في مسألة تقنية بحتة هي قيادة السيارة؟!
منع المرأة من القيادة أدى إلى الوقوع في محرم شرعي ثابت بإجماع الفقهاء، والمتمثل في خلوة السائق بالنساء. ولدي قائمة بفتاوى صادرة عن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء والشيخين ابن عثيمين وابن فوزان وغيرهما تحرم خلوة المرأة مع السائق حتى ولو كان ذهابا إلى مستشفى أو عبادة لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما». إن النظام الأساسي للحكم، يؤكد على مبدأ المساواة وحماية الحقوق في المطلق، ومواده لا تفرق بين المواطنين على أساس الجنس، لكن الاستمرار في منع النساء من القيادة قد أضر بمكانة وسمعة المملكة على الصعيد العالمي وفي المحافل الدولية، وما زال ذلك الموضوع يفتح شهية وسائل الإعلام الغربية والمنظمات الحقوقية الدولية للحديث فيه بما يسيء للمملكة، وتذهب معه سدى المجهودات المبذولة لنشر الصورة الحسنة المراد تعريف العالم بها عنا. يجب أن نتذكر أن المملكة قد صادقت على عدد من الاتفاقات الخاصة بحقوق الإنسان مثل «الإعلان العالمي لحقوق الإنسان»، و«إعلان القاهرة لحقوق الإنسان»، و«الميثاق العربي لحقوق الإنسان»، و«اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة». لكنها ما زالت هي الدولة الوحيدة على صعيد العالم أجمع التي تمنع قيادة المرأة للسيارة وتقيد حقها الإنساني في الحركة.
هناك أرقام عن الهدر الاقتصادي على مستوى الأسرة وعلى مستوى استقطاع راتب المرأة العاملة، وعن أعداد السائقين، وعن حجم تحويلات العمالة الوافدة، وعن تأثير عدم القيادة على بطالة النساء التي تصل لـ 70 %، وعن تدني نسبة مساهمة المرأة التي تصل لـ 10% فقط من حجم قوة العمل، وبذلك فإن المملكة تملك النسبة الأدنى لتوظيف النساء مقارنة مع الدول المجاورة مثل الكويت والإمارات. ولا يخفى أن عائق الحركة يلعب دورا كبيرا في تدني نسبة توظيف المرأة. إن أعدادا واسعة من النساء لن يعملن خصوصا في القطاع الخاص الذي هو أحد رهانات رؤية 2030. لدي قائمة طويلة بتقارير صحفية عن التحرش بالنساء من قبل السائقين. كما أن هناك ارتفاعا في نسبة الأطفال المتحرش بهم في المملكة سواء كان التحرش من قبل العمالة المنزلية أو سواها. وأنا شخصيا عملت في إدارة الإرشاد الطلابي لسنوات وعملت متطوعة في عدد من المراكز الإرشادية والعلاجية واستمعت لشهادات صادمة من عشرات النساء والفتيات عن تحرش السائقين.