علاء الدين حمدي
عناية السيد الأستاذ/ لويس مورينو أوكامبو المحامى، المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية
لاهاي- هولندا، بعد التحية
- نظرا لتاريخكم المشرف، وشجاعتكم الكبيرة في ملاحقة كبار المسئولين المتهمين بعمليات قتل جماعي في بلدكم الأم الأرجنتين وقت شغلكم لمنصب المدعى العام للمحكمة الاتحادية الأرجنتينية دون أن يتسلل الخوف الى قلبكم من سطوة المجرمين أو اتساع دائرة نفوذهم.
- وعلى غرار جهدكم "الكبير"، كمدع عام للمحكمة الجنائية الدولية حاليا، في جمع أدلة الاتهام واعداد مذكرة توقيف ضد الرئيس السوداني "عمر البشير" بزعم ارتكابه جرائم ضد الإنسانية، حسب تقديركم، نتج عنها سقوط 35 ألف قتيل سوداني "لمجرد أنه كان يريد ذلك" كما جاء في لائحة الاتهام من أنه بصفته القائد الأعلى لأجهزة دولته، استطاع تعبئتها بما في ذلك القوات المسلحة، والمخابرات، والدوائر الدبلوماسية والإعلامية، والجهاز القضائي، وذلك لتحقيق هدفه في ارتكاب جرائم حرب وابادة لأبناء وطنه في اقليم دارفور!
- وحيث أن المحكمة، وفقا لدستورها، تختص بالنظر في قضايا الإبادة الجماعية وجرائم الحرب وجرائم العدوان والجرائم الموجهة ضد الإنسانية التي ترتكب ضد المدنيين مثل القتل العمد والاغتصاب والإبادة واستخدام الأسلحة المحرمة وغيرها من جرائم، بصرف النظر عن ارتكابها وقت السلم أَو الحرب.
- ونظرا لأن محكمتكم، الموقرة. تحظى "بولاية عالمية" لتحقيق رسالتها "النبيلة" بحياد ونزاهة كهيئة قضائية دولية مستقلة عن الأمم المتحدة لها حق محاكمة الأفراد المتهمين بارتكاب أي من الجرائم المذكورة آنفا، والتي حدثت بعد تاريخ إنشائها في الأول من يوليو 2002، أيا كانت مواقعهم أو مناصبهم الرسمية.
- ورغم أننا لا نعلم ما اذا كان من حق أي مواطن تعرض لجريمة من هذا النوع أن يطلب مباشرة اقامة دعوى أمام هذه المحكمة من عدمه، الا أننا نلتمس من سيادتكم التكرم باعداد مذكرة اتهام لتوقيف، المشكو في حقه، المدعو "جورج بوش الابن"، الذي كان يشغل وظيفة "رئيس الولايات المتحدة الأمريكية"، وذلك لاتهامنا واتهام "البشرية" له بارتكاب نفس نوعية الجرائم التي وجهتها عريضة الاتهام الصادرة منكم ضد "عمر البشير" وذلك استنادا الى اعترافات "المشكو في حقه" بشنه حربا على دولة ذات سيادة اسمها "جمهورية العراق" تأسيسا على معلومات خاطئة حصل عليها من دوائر رسمية تابعة لسلطته المباشرة دفعت بالمذكور لتعبئة كامل أجهزة دولته، التي تقع تحت سيطرته المطلقة بصفته قائدها الأعلى، بما في ذلك القوات المسلحة، وجهاز المخابرات، والدوائر الدبلوماسية والإعلامية، والجهاز القضائي، وذلك لشن الحرب على "العراق" وتحقيق هدفه الذي قالت عنه جريدة نيويورك تايمز الأمريكية مؤخرا وبالنص (أنه كان بداية قصة باعها "بوش" للشعب الأميركي استمرت منذ 2003 وحتى الآن، فيها اثارة، وحروب، وحيل، ومفاجآت، وفضائح، وكل شيء.. الا الحقيقة)
هذا مع التكرم بملاحظة الآتي:
أولا: أن أحد أهداف الحرب على العراق كان هدفا شخصيا "للمشكو في حقه"، ارتكب لتحقيقه الكثير من الفظائع وجرائم الحرب التي يندى لها الجبين الإنساني لمجرد الانتقام من شخص واحد فقط هو الرئيس العراقي الراحل "صدام حسين" تحت زعم اتهامه بتدبير محاولة اغتيال والده "بوش الأب" اثناء احدى زياراته لدولة الكويت في تسعينيات القرن الماضي، كما ورد على لسان "المشكو في حقه" في تصريحات صحفية قائلا (هذا الرجل حاول قتل أبى).
ثانيا: اعتراف وزير الخارجية الأمريكي السابق بادارة "المشكو في حقه" المدعو "كولن باول" في 3 ابريل 2004 بأن الأدلة التي قدمها إلى الأمم المتحدة لتبرير الحرب كانت أدلة خاطئة، ورغم ذلك استمرت العمليات العسكرية ضد المدنيين وبأوامر شخصية مباشرة من "المشكو في حقه".
ثالثا: ما ذكره "سكوت ماكيلان" الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض، محل عمل "المشكو في حقه"، في كتاب نشره مؤخرا ذكر فيه أن "المشكو في حقه" قام عن عمد بتقديم معلومات خاطئة للجهات الدولية عن الرئيس العراقي الراحل "صدام حسين" وعلاقته بالإرهاب الدولي ومحاولته لحيازة أسلحة دمار شامل، وشن ما يمكن وصفه ﺒ"حملة دعائية" للترويج للحرب على حد وصفه.
رابعا: وهو الأهم، اعتراف المشكو في حقه بنفسه ولسانه في 2 ديسمبر 2008، وبدون أي ضغط أو اكراه.. أو تعذيب، في مقابلة تلفيزيونية أجرتها معه شبكة "إيه. بي. سي" الأمريكية أكد فيها أنه ارتكب خطأ في الحرب التي شنها ضدّ العراق وأن أشد ما يؤسفه هو أنه خاض حربا لم يكن مستعدا لها، وأن السبب في ذلك يعود إلى المعلومات الخاطئة التي وفرتها المخابرات الأمريكية، التي تعمل تحت ادارته، عن امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل.
خامسا: ان جميع القوانين والأعراف منذ بدء الخليقة قد رسخت لمبدأ "أن الاعتراف هو سيد الادلة"، لذلك فان اعترافات "المشكو في حقه" تثبت بما لا يدع مجالا للشك، ودون حاجة لجمع المزيد من أدلة الاتهام، أنه قتل، عن عمد، ما يزيد عن المليون و33 ألف عراقي حتى أغسطس 2007 حسب مركز (ORB) لاستطلاعات الرأي بلندن الذي لم يُضّمِن تقريره عدد قتلى مناطق "الأنبار وكربلاء وأربيل" في حين أكد أن القوات الأميركية، التي تأتمر بأمر "المشكو في حقه"، تقوم بمتوسط 5000 دورية في أنحاء العراق تقتل 300 مواطن عراقي في المتوسط يوميا! هذا في حين تؤكد دراسة مجلة "لانسيت الطبية البريطانية" أن 56% من الضحايا قتلوا نتيجة اطلاق الرصاص، و14% نتيجة القصف بالمدافع الثقيلة والدبابات، و13% بالقصف الجوي و13% بسبب سيارات مفخخة، وأن المحصلة تزيد عن خمسة ملايين يتيم، ومليون ونصف أرملة حسب إحصاءات "اليونيسيف" التي لم تشمل عدد الجرحى والمشردين.
سادسا: لم تقتصر جريمة "المشكو في حقه" على قتل هذه الاعداد من المواطنين العراقيين وانما تعدت ذلك الى تعمده قتل مواطنيه انفسهم، فقط لأنه أراد ذلك، وهي نفس التهمة التي وجهها جهازكم المحترم الى الرئيس السوداني "عمر البشير مع الفارق أن البشير ينفي بينما "المشكو في حقه" يعترف بجريمته علنا أما الملايين!!، فقد تم احصاء ما يزيد عن أربعة ألاف جندي أمريكي قتيل حسب تقارير وزارة الحرب الأمريكية "البنتاجون"، بينما لم يتم تسجيل أكثر من هذا العدد في السجلاَّت العسكرية الأمريكية الرسمية حسب ما تؤكده تقارير المراقبين الدوليين، والأمريكيين خصوصا، ومنها على سبيل المثال ما ذكرته منظمة "الحياد والدقة في الإعلام - فير" الأمريكية في بيان لها أكدت فيه على وجود أرقام كبيرة أخرى من القتلى بين صفوف "المرتزقة" الأمريكيين بخلاف القتلى من جنسيات أخرى من الحاصلين على بطاقة الهجرة الخضراء "الجرين كارد" يعملون في الجيش الأمريكي لكنهم لم يحصلوا على الجنسية الأمريكية بعد، أي أن عدد ضحايا جريمة "المشكو في حقه" من القتلى فقط على أحسن تقدير، يتجاوز 18 ضعف رقم الضحايا الذي جاء في صحيفة اتهامكم للرئيس السوداني "عمر البشير"، وفقط.. لأنه أراد ذلك!
- لكل ما سبق، و"لثقتنا" في نزاهتكم وتجردكم وشجاعتكم وحيادكم "المفترضين" وغير ذلك من الدوافع الإنسانية والقانونية التي يستوي أمامها البشير وغير "البشير"، فاننا نتقدم لسيادتكم ببلاغنا هذا راجين التكرم بتوجيه الاتهام الى "المشكو في حقه" استنادا الى بديهية اعترافه شخصيا بجريمته، ومن ثم سرعة توقيفه ومحاكمته على ما اقترفت يداه في حق المجتمع الإنساني قبل أن يذهب الى حيث ألقت!
وتفضلوا بقبول وافر الاحترام والتقدير.
علاء الدين حمدى
مواطن من رعايا
جمهورية مصر العربية
°²v²°
- عزيزي القارئ، ما سبق هو نص الشكوى التي قمت بارسالها بالفعل الى السيد "أوكامبو" المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية بشخصي كمواطن بسيط جدا لا يدعي زعامة، ودون انتظار موافقات أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، ودون تجميع وفود للسفر الى مقر المحكمة ودون تشكيل لجان ولجان منبثقة، ودون استجداء دعم الجمعيات الحقوقية الكثيرة التي يفيض بها عالمنا العربي، اردت من خلالها مجرد التنفيث عن ما يحترق في صدري لا اكثر، ولكن المفاجأة الكبرى وغير المتوقعة.. أنني تلقيت ردا رسميا عليها من مكتب المدعي العام مفاده أنه سيتم بحث الشكوى وافادتي عن القرار حولها كتابة وهذا في حد ذاته أمر يبعث على التفاؤل وأن هؤلاء الناس ينتظرون منا خطوة البداية، وسينظرون لقضايانا ولكن.. فقط اذا تحولنا الى موقع الفاعل في الاعراب.
- لذلك، وعلى قدر جهدي المتواضع، فانني أوجه الدعوة لكل المخلصين لتأسيس هيئة شعبية عربية تكون مهمتها تعقب ومحاسبة كل من نال أمتنا بشر، ولو من باب اضعف الايمان، وصدقوني نستطيع فعل الكثير، هذه دعوتي فهل من مجيب؟
عموما، دعونا ننتظر ردودكم واقتراحاتكم!
***
- ضمير مستتر، يقول تعالي:
{إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} المائدة33